من نحـن
مهنتنا اسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

 
 
صدق الله العظيم
 
  
 
   
أنها " مهنة التوثيق والتسجيل " مهنة أسلامية مقدسة ورسالة نبيلة واعتبارا للأهمية البالغة لهذا العلم من العلوم الشريفة المقدسة " علم الشروط " - وفقا لعلوم الفقه الإسلامي - ، ونظرا لخطورته البالغة نجد الشارع الإلهي الحكيم قد خلد في القران الكريم أمدا وساقه في أطول آية في القران الكريم على الإطلاق وهو ما يعرف بدستور الموثقين (الكتاب بالعدل) ،وهو الأمر الشرعي الوارد في القران الكريم (الآية الكريمة رقم 282 من سورة البقرة )  
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
((يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْن إِلى أَجَل مُّسمًّى فَاكتُبُوهُ وَ لْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كاتِب بِالْعَدْلِ وَ لا يَأْب كاتِبٌ أَن يَكْتُب كمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكتُب وَ لْيُمْلِلِ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَس مِنْهُ شيْئاً فَإِن كانَ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ سفِيهاً أَوْ ضعِيفاً أَوْ لا يَستَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَ استَشهِدُوا شهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَينِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضوْنَ مِنَ الشهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَ لا يَأْب الشهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَ لا تَسئَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صغِيراً أَوْ كبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسط عِندَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشهَدَةِ وَ أَدْنى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكمْ فَلَيْس عَلَيْكمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَ أَشهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَ لا يُضارَّ كاتِبٌ وَ لا شهِيدٌ وَ إِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ ُفسوقُ بِكمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكلِّ شىْء عَلِيمٌ))
 
-صدق الله العظيم -  
الايه 282 من سورة البقرة -
* أنها *
* أطول آية في القران الكريم *
* آية الدين *
* دستور الموثقين *
* أن في سورة البقرة خمسمائة حكم و في هذه الآية فقط خمسة عشر حكما *
*واخر اية نزلت في القران الكريم*
* لذلك تعتبر من اهم ايات القران الكريم *
ونلاحظ في هذه الايه الكريمة دستورا ألهيا صادر من فوق سبع سنوات عندما أمرنا الله عز وجل بالكتابة في معاملاتنا "  فَاكتُبُوهُ " وطبقا لأحدث النظريات القانونية والفقهية والتي اجمع على صحتها كافه الفقهاء القانونين قديما وحديثا أن الكتابة أقوى طرق الإثبات القانوني والقضائي على الإطلاق في المعاملات المدنية والتجارية على حد السواء  فما بالكم إذا كانت هذه الكتابة قد تمت أمام وبمعرفة موثق عدل " كاتِب بِالْعَدْلِ  " (الموثقين) وذلك لأهداف عظيمة وهي " أَقْسط عِندَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشهَدَةِ وَ أَدْنى أَلا تَرْتَابُوا " وليمارسوا عملهم في حياد ونزاهه وطبقا لما امرهم به الله عز وجل " أَن يَكْتُب كمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكتُب وَ لْيُمْلِلِ الَّذِى عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَس مِنْهُ شيْئاً  "وامر الله عز وجل المسلمين في محكم اياته الكريمة بعدم الاضرار والاساءة الى الكتاب بالعدل (الموثقين ) في قوله تعالى " وَ لا يُضارَّ كاتِبٌ وَ لا شهِيدٌ " انه المعنى الكامل المحكم للحماية والحصانه لعمل الموثقين ضد اي ضغط او تهديد او ارهاب وظيفي قد يمارس ضد الكتاب بالعدل(الموثقين) اثناء ممارسة عملهم في حياد وشفافية ونزاهه ، وان تم هذا الاضرار والاساءة فانه فسوق في من قام به "  إِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ ُفسوقُ بِكمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكلِّ شىْء عَلِيمٌ  " فعلا انه وبحق تشريعا ألهيا ، دستورا ربانيا لتنظيم وحماية الموثقين ومهنة التوثيق والتسجيل وحقيقة مطلقة انه " دستور الموثقين " قمة البلاغة القرانية في هذه الايه الكريمه وحدها فهي وحدها قد ضمت وشرعت خمسة عشر حكما شرعيا في اية واحدة من اهم الاحكام الشرعية في معاملات كل مسلم .
 
وهذه الآيات المحكمات قال عنها الشيخ العلامة والفقيه الإسلامي / أبو بكر محمد بن عبد الله (المعروف بابن العربي) في مؤلفة الإسلامي " أحكام القران " القسم الأول، الطبعة الثانية، تحقيق : الأستاذ /علي محمد البجاوي - مصر 1967 صفحة رقم 258 :-
" هذه الآيات من كتاب الله عز و جل هي دستور التوثيق في المعاملات بصورة عامة، وهي تتضمن القواعد التي بني عليها علم التوثيق فقد جمعت الأساليب الثلاثة في هذا ألا  وهي : التوثيق بالكتابة  ، والتوثيق بالإشهاد ، والتوثيق بالرهن، ولا يوجد طريق رابع  للتوثيق الرضائي غير هذه الطرق فإذا تمت المعاملة بين الأفراد بالبيع والشراء أو الهبة أو الوقف أو الوصية أو غيرها من المعاملات بدو ن إتباع إحدى الطرق المذكورة فإنها غير موثوقة ، وإذا حصل جحود أو نكران في التصرف غير الموثق فإنه يمكن اللجوء للقضاء للحصول على حكم قضائي بإثبات الحق على وثيقة لإثبات الحق وهذا الحكم يكون بمثابة عملية توثيق "
 
فمما لا خلاف عليه أن التوثيق والتسجيل يمكن أصحاب الحقوق والأملاك من حقوقهم وأملاكهم ويحفظ المال لأهله ويجنب المتعاقدين من مزالق الحرام والاتفاقات المحرمة ويصون أعراض الناس ويثبت نسب الأبناء إلى أبائهم وبه يحسم الخصومات والنزاعات وتسد أبواب المنازعات .
وهذا ما أكده السيد الأستاذ الدكتور/ جمعه محمود الزريقي في مؤلفة القانوني والإسلامي " نظام الشهر العقاري في الشريعة الإسلامية "،طبعة دار الآفاق بيروت 1988 ،ص:21) حينما قال :- " لقد أكد ديننا الحنيف على أن للكتابة أهمية في حياة الأفراد والأمم وخاصة في ميدان المعاملات اليومية بمختلف أشكالها وأنواعها مدنية كانت أو غير ذلك التي تمتد بين الأفراد والجماعات والدول؛ والحكمة من الحث على الكتابة هو بمفهوم لغة القانون عدم الاطمئنان لمزاعم الأطراف وشهادة الشهود العرفية، ذلك لكون الخليقة الإنسانية معرضة للخطأ والنسيان وعدم الدقة في سرد الوقائع والمعاملات المبرمة بالإضافة إلى كون أن الناس عادة ما يكونون عرضة للمحاباة والانتقام المبالغة نتيجة افتقار الذمم وطغيان المادة . "
وكذلك قال في ذات المرجع السابق بــ صـ 15 :-
" لقد خلق الله الإنسان وحبب إليه غريزة المال وحب التملك إلى درجة التقديس، وعليه نشأت بين أفراد المجتمع بل الدول خلافات قد تؤدي في أغلب الأحيان إن لم نقل كلها إلى نزاعات كثيرة، فكان لزاما إيجاد قالب أو وسيلة تفرغ فيها إرادة الأطراف المتعاملة تكون وسيلة لفض النزاع أو للحيلولة دون قيامه "
وكذلك أكد في ذات المرجع السابق بــ صـ 42 :-
"وبمرور الأزمنة تطورت المعاملات إلى أن وجدت الوثيقة الرسمية وأخذت الدول على كالها تنظيمها حسب ما يتماشى وعاداتها وتقاليدها وقوانينها في إطار سيادتها الوطنية "
وكذلك أكد في ذات المرجع السابق بــ صـ 15 :-
" وعليه فإن المسلمين هم السباقون في هذا الميدان على الأوروبيين وهذا إن دل على شيء إنما يدل على درجة التحضر والتمدن لديهم "
وكذلك أكد في ذات المرجع السابق بــ صـ 33 :-
"ما فتئ القران والسنة المطهرة التركيز على ذلك فالتوثيق من العلوم التي عرفها العرب منذ القدم، وبرعوا فيها بعد ظهور الإسلام حيث انتشرت الكتابة وزادت نسبة التعليم خاصة في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية حيث تطور النظام القضائي بتطور الدولة وانتشار الإسلام في العديد من الأمصار، وتطورت معه وظيفة التوثيق التي تعتبر من الوظائف القضائية"
 
انه نظام إسلامي شامل لجميع المعاملات التي تتم بين الأفراد لحماية وحفظ حقوق الملكية العامة والخاصة وسواء تعلقت بأموال عقارية أو منقولة أو بأعراضهم بالنسبة لأحوالهم الشخصية من زواج وطلاق وتبني وخلافة ، هذا النظام يعمل على تسجيل جميع التصرفات من مبايعات ،وعقود ،وهبات ،وأوقاف ،وصدقات ، وزواج وطلاق وغيرها، وهو يعتمد على عدة وسائل مثل الكتابة والإشهاد والرهن، وحكمه الشرعي مستمد من كتاب الله وسنة الرسول الكريم عليه السلام .
 
كما أننا نجد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد حرص على التوثيق ووثق الكثير من الرسائل والمبايعات وغيرها وحث على ذلك وأمر الصحابة رضوان الله عليهم على توثيق وتسجيل معاملتهم وعقودهم وكذلك فعلوا من سار على دربهم ونهج منهجهم القويم من فحول العلماء وكبار الفقهاء حتى شاع وانتشر التوثيق والتسجيل في كل ربوع الدولة الإسلامية وصار علما قائما بذاته "علم الشروط " – طبقا لعلوم الفقه الإسلامي- له قواعده وشروطه وضوابطه ومنهجا يضبط أصولة وقواعده الخاصة ممن بذلوا الأوقات والأنفاس حتى تأهلوا وبلغوا فيه المعالي والشرف .
قال عنها ابن فرحون: "هي صناعة جليلة  وشريفة  وبضاعة عالية منيفة، تحتوي على ضبط أمور الناس على القوانين الشرعية وحفظ دماء  المسلمين وأموالهم، والاطلاع على أسرارهم وأحوالهم، وبغير هذه الصناعة لا ينال ذلك، ولا يسلك هذه المسالك".
(الفقيه الإسلامي /أبو عبد الله محمد ابن فرحون: تبصره الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1416هـ/1995م ، ج 1، ص: 200)
 
انه علم التوثيق والتسجيل ويعرفه الونشريسي: "بأنه من أجل العلوم قدرا وأعلاها إنابة وخطرا، إذ بها تثبت الحقوق ويتميز الحر من المرقوق، ويوثق بها ولذا سميت معانيها وثاقا"
(الشيخ العلامة/أبو العباس أحمد بن يحيي بن عبد الواحد الونشريسي :في مؤلفة " المنهج الفائق والمنهل الرائق والمعنى اللائق بآداب الموثق وأحكام الوثائق"، دراسة وتحقيق لطيفة الحسني، طبعة وزارة الأوقاف الرباط المغرب 1418 هـ /1997م ، ص: 209)
 
أما الفقيه عبد السلام الهواري فيقول عن هذا العلم : "هو من أجل العلوم قدرا وأعلاها إنابة وخطرا إذ تضبط أمور الناس على القوانين الشرعية، وتحفظ دماؤهم  وأموالهم على الضوابط المرعية، وهو أقطع شيء تنبذ به دواعي الفجور، وترمى وتطمس مسالكها الذميمة وتعمى".
(شرح عبد السلام الهواري لوثائق  الفقيه بناني: مطبعة الشريف، دار الكتب العربية تونس 1949 م . الصفحة الأولى)
 
ويصفه الإمام السرخسي: " علم الشروط من أكد العلوم وأعظمها صنعة"
(العلامة الإمام /شمس الدين السرخسي: كتاب المبسوط، الطبعة الثانية، دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت، لبنان، ج: 30 ص: 167.)
 
حيث يحتل علم التوثيق والتسجيل منزلة رفيعة ومكانه كبيرة في الحياة الإنسانية والقانونية لكل الدول لأنه يعمل على حفظ الحقوق وحمايتها طبقا للقوانين الشرعية والوضعية وبه تضبط المراكز القانونية للأشخاص وإجبارهم على إفراغ اتفاقاتهم أمام موثق رسمي يراعى عدم خروج هذه المحررات عن أحكام شريعتنا الإسلامية الغراء والنظام العام والآداب ووفقا لأحكام الدستور و القانون ويحمى المجتمع من الاتفاقات والتعاقدات المريبة  التي قد تضر امن وسلامه المجتمع .
 
فالتوثيق والتسجيل الذي نعرفه الآن في مصر هو في الحقيقة قبل أن يكون وظيفة حكومية هو في الأصل مهنة إسلامية عريقة جليلة مهمة جدا للمجتمع والأفراد كان يقوم بها القضاة المسلمين في بداية الأمر و اشترط في القائمين عليها من الكتاب بالعدل (الموثقين) العدالة والنزاهة والحياد والشرف والتجرد والإلمام الكامل بكافة العلوم الفقهية حيث تناولتها كافه دول العالم بالحماية والاهتمام واحتفظت لها بمكانه راقية وضوابط وشروط وإجراءات معينة تهدف إلى حماية ونزاهة وحياد القائمين عليها جنبا إلى جنب مع سهولة الحصول عليها بعيد عن اى روتين أو فساد قد يخرج هذه المهنة كرسالة سامية من مضمونها ونبل أهدافها ومبادئها السامية في حماية أموال وملكيات وإعراض المواطنين من تدخل وعبث الفاسدين .
 
فمما لا خلاف عليه أن التوثيق والتسجيل يمكن أصحاب الحقوق والأملاك من حقوقهم وأملاكهم ويحفظ المال لأهله ويجنب المتعاقدين من مزالق الحرام والاتفاقات المحرمة ويصون أعراض الناس ويثبت نسب الأبناء إلى أبائهم و به يحسم الخصومات والنزاعات وتسد أبواب المنازعات ، وبما أن التوثيق والتسجيل يحرر ويتم في وقت لا نزاع فيه بين المتعاقدين وتقرر فيه الحقائق والحقوق على طبيعتها وقت إنشائها وحدوثها و أمام موثق عدل  فعند النزاع بين المتعاقدين وتقديم المحرر الموثق للقضاء – تنطق الكتابة المثبتة مسبقا بالوثيقة بتلك الحقائق والحقوق حكما نهائيا لا رجعة فيه والتي سبق إثباتها والاعتراف والإقرار بها أمام موثق عدل بدون غرض أو تحيز أو خطأ أو نسيان .
 
فهي مهنة إسلامية في المقام الأول عنصرها الأساسي وقوامها هي "العدالة" كما في القضاء لان القضاء مرتبط شكلا وموضوعا بالعدل ، والعدل أساس الحكم ، والعدل صفة تطلق على كل عمل مطابق للدستور و القانون وهو ما يقتضي النزاهـــــــة والأمانة والشرف ويحقق مساواة الجميع أمام القانون ويضمن ويصون الحقوق لأصحابها و يحـــارب الجور والظلم، و يقتضي أيضا استقلالية القائمين علية. قال الله تعالى:((إن الله يأمركم أن تودوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس، أن تحكموا بالعدل)).(4: 58 سورة النساء)
 
فكلا من القاضي والكاتب بالعدل (الموثق) يجب أن تتوافر بهما شروط وصفات أساسية أهمها: العدل والمساواة والعقل والنزاهة والشرف والتحقق والبحث عن البينة لإحقاق الحقوق وحفظها وحمايتها وصونها و رد المظالـــــــــــم وإنصاف المظلوم لأن المهمة سامية والمراد منها أسمى .
ومع العلم أن الأصل في هذه المهنة – مهنة التوثيق والتسجيل - وقبل أن تتحول و تتطور إلى وظيفة حكومية أو مهنة حرة مستقلة كما في الكثير من دول العالم ، أن الأصل فيها إسلاميا وشرعيا  كعمل القضاة أنها بدون رسوم ولا يتطلب أبدا وجود مقابل مادي أو نقدي بشأنها لضمان حياد ونزاهة القائمين عليها 
قال الله سبحانه في محكم آياته الكريمة:
" فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ ءَامَنتُ بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لنا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ" صدق الله العظيم - (الشورى،15) –
 
ويتجلى العدل في حياة الأمم بأجلى صوره مرتين؛ مرة عند وضع القانون، ومرة عند تطبيقه في الخلافات والتعاقدات أي القضاء والتوثيق ، وإذا كان واضع القانون في الإسلام هو الشارع الآلهي القدوس، فإن مجال القضاء والتوثيق يكون أبرز تجليات العدالة، ومن هنا لابد من الاستقامة كما أمر الله حتى تتحقق العدالة .
 
ومما لا شك فيه الآن في التشريعات الوضعية أن شروط شغل مهنة القضاء أو الكتابة بالعدل (التوثيق والتسجيل) والتي قوامهما وشرطهما العدالة أن يكون شاغليها من الحاصلين على إجازة الحقوق (ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون) وهذا أمر منطقي وبديهي لما يتطلبه هذا العمل القضائي والقانوني من دراسة قانونية واسعة وإلمام كامل بكافة فروع القانون والفقه الإسلامي في المعاملات وغيرها لتمكين القائمين عليهما من حفظ وصيانة وحماية الحقوق والحريات والملكيات العامة والخاصة
 
وزيادة على ما تقدم فإن الفقهاء المسلمين قد أثبتوا أن الشروط التي يجب توفرها في الموثق هي ذات الشروط المطلوبة فيمن يتولى القضاء، بل يرى بعضهم أنه يلزم إلمام الموثق ببعض الأمور زيادة على شروط المتولي للقضاء.
 
راجع في ذلك (الأحكام السلطانية، للماوردي، ص 65. الأحكام السلطانية، لأبي يعلى، ص 60. نظام الإسلام، د. وهبة الزحيلي، ص283 وما بعدها. صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، للقلقشندي، ص 274، ج10. جمعة الزريقي، السابق، ص 91 وما بعدها). 
 
ومن الثابت حتى زمن قريب أن القضاة في مصر وإلى زمن المحاكم الشرعية كانوا هم من يتثبتون من إرادات الأفراد وإصدار ما يسمى "الحجج الشرعية" التي حل محلها العقود المشهرة الآن، فضلاً عن أن هذا الدور لازال يقوم به القاضي حتى الآن، وهو ثابت في نصوص قانونية منها على سبيل المثال المادة 1000 من القانون المدني توثيق عقود الحكر.