مقالات الاعضاء
حظر التراخيص والمرافق العامة للعقارات غير المسجلة

2021-02-23 10:30:09

بقلم وليد فهمي | رئيس إتحاد موثقي مصر

حظر التراخيص والمرافق العامة للعقارات غير المسجلة
 
 
 
تسهيل إجراءات التسجيل هدف يسعى إليه الجميع سواء الدولة بسلطاتها الثلاثة ، أو رغبة ملحة من المواطنين ، وهو ما يعكس واجب الدولة دستورياً نحو تسهيل إجراءات التسجيل العقاري لحماية حقوق الملكية ،و إثباتها أو نقلها ، والثابت دستورياً وقانونياً من الجهة الحصرية المسؤولة عنها هي مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، سواء بمصر أو بكل دول العالم ،  والمزايا الإيجابية والفوائد المتنوعة لا تعد ولا تحصى كنتيجة مباشرة لتوثيق الممتلكات العامة والخاصة ، ليس فقط حماية للملكية ومنع التعدي عليها ، بل لها مردود إيجابي اقتصادي واجتماعي وأمني ، وكل ذلك يسمى مبدأ استقرار الملكية العقارية ، وهو الجاذب الأول للاستثمار ،
 
 
وحق الملكية من أهم الحقوق الدستورية على الإطلاق ، وينظم أحكامه قانون الشهر العقاري ، ولخطورته وأهمية حق الملكية لا يتم تنظيم أحكامه إلا من خلال تشريع عقاري ،ومن السلطة التشريعية ، والتشريعات العقارية من القوانين الآمرة المتعلقة بالنظام العام ،ومن هنا يكون وظيفة المشرع في المجتمع هي بحث المشكلات التي تواجه أفراده وإيجاد الحلول لها بإجراءات تتسم بإمكانية اتباعها والسير على هداها وصولاً إلى تحقيق الغاية منها، ولا تقتصر مهمة المشرع فقط على إيجاد المشكلة ووضع يده عليها فقط بل ينبغي له أن يجد لها حلاً بإجراءات ييقننها بعد دراسة متأنية وحوار مجتمعي ، ومراجعة آراء المهتمين بالشأن العقاري ، وبما يحقق في النهاية تيسيرات حقيقية قابلة للتطبيق قانونياً وعملياً ، ولا تسبب المزيد من الأزمات والعقبات أمام المواطنين
 
 
ومع تشريع الفقرة الثانية من المادة المقترحة رقم 35 مكرر  بقانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، والمستحدثة لأول مرة فرضت حظر قانوني على شركات المرافق العامة [ الكهرباء – المياه – الغاز – تراخيص البناء والهدم - وغيرهم من الجهات ذات الصلة] بعدم نقل خدمات المرافق  او اتخاذ أي اجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر او القيد ، وهو أمر في منتهى الخطورة فـ بموجب هذا التعديل التشريعي ، سيتسبب في منع توصيل ونقل المرافق العامة لأي عقار بمصر ومن ضمنها طبعاً المياه ومن الثابت دستوريا ان الحق في المياه والشرب حق دستوري أصلي تناولته كافة دساتير العالم بالحماية  وليس فقط عند هذا الحد بل وكافة مواثيق حقوق الإنسان الدولية 
 
 
والمادة المستحدثة تفترض ان الملكية مسجلة بكامل الجمهورية بنسبة 100% ،وطبعا هذا يصطدم مع الواقع المؤلم للتسجيل العقاري في مصر ، من ان نسبة العقارات المسجلة لا تتعدى 5% فقط ،وسيفتح العديد من المنازعات والمشاكل بين المواطنين وشركات المرافق العامة ، بخلافة تهديده واعتدائه المباشر على السلم والأمن الاجتماعي بين أفراد المجتمع المصري ، لما سيسببه من استياء شديد وغضب عارم من المواطنين تجاه أجهزة الدولة الرسمية . ومع العلم ان العقارات المسجلة  5% فقط من عقارات مصر وهي النسبة المسجلة رسمياً شهر عقاري حتى الآن ، ونسبة الـ95% الغير مسجلة لن تستطيع توصيل ونقل المرافق العامة إلا بعد تسجيل العقار رسمياً ،
 
 
ومن المعروف دولياً في التشريعات العقارية ، من أن حظر توصيل ونقل المرافق العامة إلا إذا كان العقار مسجلاً ، يتم تشريعه إذا كانت نسبة العقارات المسجلة تزيد عن نسبة 80% ، وهو ما لا يتوافر في الواقع العقاري المصري ، حيث نسبة العقارات غير المسجلة 95% ، ومن ناحية أخرى سيتم نقل مشكلات ونزاعات شركات المرافق العامة وإحالتها الى داخل أروقة ومكاتب الشهر العقاري ، - (حرب بالوكالة) - وسيزيد من الصدام المباشر واليومي بين موظفي الشهر العقاري وبين المواطنين بسبب بطء الإجراءات وصعوبتها وبالتالي خلق أزمة جديدة لسلسلة أزمات الشهر العقاري التي لا تنتهي .و سيزيد استياء المواطنين من خدمات الشهر العقاري والتوثيق ، لأن للأسف الالتزام التشريعي الجديد ضمن القوانين المنظمة للشهر العقاري ،
 
 
 
وكان من الأفضل تشريعيا ومن حسن التنظيم التشريعي ان يكون داخل قوانين البناء والمرافق العامة والوحدات المحلية ، وليس ضمن تشريع عقاري مدني بحت ، ينظم احكام التسجيل العقاري ، وهو ما يدعونا للتوقف كثيراً بالبحث والتحليل وضرورة إعادة النظر في المادة 35 مكرر بقانون الشهر العقاري ، وتأجيل موعد سريانها ، وعرضها للحوار المجتمعي والدراسة القانونية ، ومدى مطابقتها للدستور ،و منعاً لأي آثار جانبية محتملة ، سيعاني منها الكثيرين من فئات الشعب المصري ، كأزمة عقارية ثانية ، تالية لأزمة التصالح في مخالفات البناء وما لحقها من توابع وجدل كبير ما زال قائم 
 
 
ومع التأكيد على أن أي مشروع قانون للتسجيل العقاري أو حتى تعديل محدود، لابد ان يسبقه تطوير وإعادة هيكلة شاملة للشهر العقاري، حتى لا تكون المكاتب سبب فشل تطبيق القانون على أرض الواقع شكلاً وموضوعاً ولن يتحقق ذلك سوى بتحويل الشهر العقاري لهيئة قانونية مستقلة بمشروع قانون يجمع بين إعادة الهيكلة الإدارية والعلاج الموضوعي الفعال لأزمات وعقبات التسجيل العقاري والتوثيق وفقاً للمعايير الدولية المعاصرة.
أضف تعليقك