2020-03-02 10:59:43
بقلم وليد فهمي | رئيس إتحاد موثقي مصر
هل يفعلها البرلمان و ينهي معركة استقلال الشهر العقاري ؟!
"أزمة الشهر العقاري" ، هكذا تناولتها كافة وسائل الإعلام واعترفت بها سلطات الدولة الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية)، أزمة كبيرة يعاني منها قطاع الشهر العقاري والتوثيق منذ سنوات طويلة من إهمال وتهميش و روتين حكومي عقيم ، تمثل في طوابير طويلة من المواطنين امام مكاتب الشهر العقاري والتوثيق ، زحام لا ينتهي ، اصابها بقصور شديد ، أثر شكلاً وموضوعاً في تقديم خدماته القانونية للمواطنين في تسجيل وتوثيق كافه انواع العقود والمحررات ، وعجز شديد لا يتوقف في عدد العاملين وخاصة من الموثقين وبجميع المكاتب ، وسوء حاله المقرات الغير آدمية .
وصعوبة وبطء التسجيل العقاري ، إن لم يكن استحالته ، وخلق انطباعاً سيئاً ، سواء تجاه جمهور المواطنين او حتى لدى الموظفين ، ولا نبالغ ان ذكرنا المستثمرين والأجانب ايضاً المتعاملين مع الشهر العقاري ، من بطء الاجراءات وتدهور دولاب العمل ، وتدني الخدمات وصعوبة الحصول عليها ، وضعف درجة أمان الوثيقة المقدمة لهم ، وسهولة تزويرها ، وأصبحت مكاتب الشهر العقاري المصرية نموذجاً مثالياً للبيروقراطية الوظيفية المريرة التي يعاني منها الوطن والمواطن .
وإهدار مليارات الجنيهات على الدولة من عدم تسجيل وتداول 95% من ثروتها العقارية وحصر بياناتها وتحصيل رسومها وضرائبها ، وعقبة رئيسية أمام الإصلاح الاقتصادي ، وأحد أهم مشاكل الاستثمار العقاري بمصر ، وانتشار مافيا سرقة الأراضي وغسيل الأموال ،والتهرب الضريبي ، وأصبح القطاع العقاري بمصر الملاذ الآمن لمن لا يرغب في الكشف عن ثروته والمتخفية في عقارات غير مسجلة ، وبلغت نسبة الفساد العقاري بمصر 90% من إجمالي حجم الفساد بمصر .
و أصبح ثابت للجميع أن أزمة الشهر العقاري المثارة حالياً لا حل لها إلا تشريعياً بمشروع قانون جديد يقره مجلس النواب ، من خلال إعادة هيكلة شاملة فنية وإدارية لهذه المؤسسة القانونية العريقة بعد مرور أكثر من 74 عام على قانون إنشاءها عام 1946 ،
ونتسائل ألم يحن الوقت لتطوير الشهر العقاري تطويراً حقيقياً ملموساً بشعر به المواطن والمستثمر ، يحقق إعادة هيكلة شاملة للشهر العقاري ، من خلال هيئة مستقلة ، كما طالب بها الفقيه الدستوري الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب بجلسة البرلمان الشهيرة يوم 8 ديسمبر من العام الماضي ، أم سنظل نعطي مسكنات لجسد يحتضر وترميمات تشريعية لعقار آيل للسقوط في أي لحظة ، ولمصلحة من ولماذا ؟!! استمرار رفض الاستقلال وتعطيل تحقيقه و نهج نفس العلاج الذي أثبت فشله على مدار السنوات الماضية ، وإضعاف الشهر العقاري ، وسلب اختصاصاته ، وإلغاء دوره المعروف بكل دول العالم في حماية الملكية العامة والخاصة ودعم استقراراها .
بالتأكيد أن أي مشروع قانون للتسجيل العقاري أو حتى تعديل تشريعي محدود ، لابد ان يسبقه تطوير وإعادة هيكلة شاملة لمكاتب الشهر العقاري ، حتى لا تكون المكاتب سبب فشل تطبيق التعديل التشريعي على أرض الواقع شكلا وموضوعاً ولن يتحقق ذلك سوى بتحويل الشهر العقاري لهيئة مستقلة بمشروع قانون يجمع بين إعادة الهيكلة الإدارية و العلاج الموضوعي الفعال لأزمات وعقبات التسجيل العقاري والتوثيق .
فهل يفعلها البرلمان وينهي معركة استقلال الشهر العقاري ، ويكون صاحب الفضل ، لعلاج أزمة كبيرة عجز عن حلها الجميع ، ويعاني منها الوطن والمواطن ، ولا علاج لحلها إلا بمشروع قانون ، وبالفعل المشروع موجود وتحت تصرف مجلس النواب ، والمقدم من أكثر من 60 نائب ، ومودع باللجنة التشريعية منذ دور الإنعقاد الأول ، تحت عنوان " هيئة الملكية العقارية و التوثيق " -مشروع قانون من 140 مادة في خمسة أبواب - تطوير كامل لمنظومة التسجيل العقاري والتوثيق بمصر وفقاً للمعايير الدولية ،و وفقاً لضوابط نص المادة ??? دستور مصر والتي نصها " الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم ، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم ، على النحو الذى ينظمه القانون ."