2020-02-28 04:27:43
بقلم : إتحاد موثقي مصر
ليست تعديلات تشريعية بل ترميمات كارثية لعقار آيل للسقوط
تفاجأ الجميع من المهتمين بالقطاع العقاري ومن بينهم أعضاء الشهر العقاري ، بموافقة اللجنة التشريعية بمجلس النواب على تمرير مشروع قانون مكون من مادة واحدة مضافة (35مكرر) الى قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ،
وانطلاقاً من واجبنا الوطني نحن إتحاد موثقي مصر كمنظمة مجتمع مدني مسجلة ومستقلة ليس فقط تمثل الأعضاء القانونيين بالشهر العقاري والتوثيق بل وميدان عملها الثاني وفقاً لنظامها الأساسي حماية الملكية العقارية لمصر والمصريين وتوعية المجتمع بذلك ، فمن واجبنا الوطني والقانوني عرض الأمر للنقاش والتحليل الموضوعي لعرض أوجه النقد والاعتراض على المادة التشريعية المقترحة (35 مكرر) من قانون الشهر العقاري والتي وافقت عليها اللجنة التشريعية بمجلس النواب ، ودق أجراس الخطر ، لعل وعسى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من عواقب إقرار هذه المادة المستحدثة .
فقد تناولت المادة (35 مكرر) طريقاً جديداً استثنائياً للتسجيل العقاري هو الأول من نوعه بالتشريعات العقارية المصرية والعربية والدولية ، وليس له حالة مثل واحدة ، من خلال التوسع في الاستثناء الوارد بالمادة 35 من ذات القانون فيما يعرف بالشهر المؤقت ولكن بضوابط جديدة مستحدثة مخالفة للدستور والقانون ، وتحمي مافيا سرقة الأراضي ، وتشجع على التعدي على الملكية العامة والخاصة .
التعديل التشريعي المحدود جدا بإضافة مادة تشريعية مستحدثة وحسب ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لها أنها طريقاً جديداً للتسجيل العقاري ، بهدف تسهيل التسجيل ، ولكن للأسف وقعت في مخالفة قانونية مباشرة وتناقضها الصريح مع أهم مواد ذات القانون وخاصة المادتين [9 - 10] والتي حددت طريقان أساسيان لا ثالث لهما للتسجيل العقاري وهما (التسجيل الرضائي وتسجيل الأحكام القضائية) وبحثهما ومراجعتهما أمام مأموريات الشهر العقاري المختصة بجميع أنحاء الجمهورية ، لضمان حماية الملكية العقارية ومنع اغتصابها وإسنادها للمالك الحقيقي ، حيث تضمنت المادتين القائمتين ان جميع التصرفات والأحكام القضائية النهائية التي من شانها ( إنشاء ) حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغيـيره أو زواله و كذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها بطريق ( التسجيل ) و يترتب على عدم التسجيل ( إن الحقوق المشار اليها لا تنشا ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين الشأن ولا بالنسبة إلى غيرها ولا يكون للتصرفات ( غير المسجلة ) من الأثر سوى ( الالتزامات الشخصية بين ذوى الشأن و يجوز لمن حصل مع آخرين على حكم نهائي مثبت لحق من هذه الحقوق أن يطلب قصر التسجيل على القدر الذى قضى به ، كما يجوز له ان يطلب قصر التسجيل على العقارات المقضي له بها في قسم أو ناحية معينة 0 و على المكتب الذى تم فيه التسجيل ان يخطر مكاتب الشهر التي تقع بدائرتها باقي العقارات موضوع القسمة للتأشير بذلك .
ومن هنا أصبحنا أمام تناقض صريح وتداخل غير مقبول في تسجيل الملكية العقارية مع المادتين (9-10) من ذات القانون بموجب إضافة المادة التشريعية 35 مكرر التي وافقت عليها للأسف اللجنة التشريعية بمجلس النواب منذ بضعة أيام فالمادة التشريعية المقترحة تفتقر إلى الارتباط التشريعي مع باقي مواد قانون الشهر الشخصي رقم 114 لسنة 1946 ، والتي لم يطرأ عليها أي تعديل وهي معظم مواد القانون ، مما أدى إلى التعارض معها ، وخاصه فيما يتعلق بشهر صحائف الدعاوي القضائية العقارية و تسجيل أحكامها النهائية ، والأثر الرجعي لحجيتها ، بالإضافة إلى افتقارها للوضوح التشريعي ، فالمادة المقترحة غامضة ومبهمة وتحتمل أكثر من تأويل ومعنى وهدف تشريعي ، وهو أمر غير جائز تشريعيا لما يجب ان تكون عليه النصوص التشريعية من ان تكون عامة ومجردة وواضحة ومنضبطة الصياغة دقيقة المعنى تشريعيا ونحويا ولغويا واصطلاحيا و مبنية على أسس دستورية و قانونية سليمة ، وهو ما يطلق عليه (حسن التنظيم التشريعي) .
أقتصر التعديل التشريعي محل النقد على تعديل جوهري وحيد وهو التوسع في الاستثناء وليس علاج للقواعد الموضوعية ، فتم التوسع دون دراسة للعواقب الكارثية في إجراءات التسجيل العقاري الاستثنائي والنادر التطبيق في الشهر العقاري ، فيما يعرف بالشهر المؤقت على حساب تطوير نظام التسجيل العقاري العادي أمام المأموريات المختصة ، هذا التعديل التشريعي المحدود والفقير في قانون قديم صدر منذ عام 1946 منذ اكثر من 74 سنة وأنحصر التعديل في مادة واحدة فقط وهي المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 ، والقانون برمته يحتاج الى تغييره كلياً تشريعيا ً ، وللأسف تقرر التوسع في نظام التسجيل العقاري الاستثنائي والمؤقت ، ولكن للأسف بشروط ومعايير جديدة لم تراعي حماية الملكية الخاصة والعامة ، وفتحت كل الأبواب المغلقة لتقنين أوضاع مافيا سرقة أراضي الدولة والمواطنين ، بموجب أحكام قضائية عقارية مصطنعة غالباً ، لم يتم بحث الملكية بها وإسنادها إلى مالكها الأصلي سواء الدولة أو المواطنين .
وتغاضى التعديل التشريعي المحدود ، أن منظومة التسجيل العقاري بمصر تحتاج كلها إلى إحلال وتغيير جذري بما يحقق إعادة الهيكلة الشاملة لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق لتستطيع تحقيق أهدافها ومهامهما ، وهو ما طالب به مجلس النواب مراراً وتكراراً ، بضرورة تحويل الشهر العقاري إلى هيئة مستقلة ، بموجب تشريع جديد يقره مجلس النواب ، يضمن إعادة هيكلة كاملة لهذا القطاع في ضوء المادة 199 من دستور مصر ، فهل يفعلها مجلس النواب ويحقق هدف قومي يطالب به الجميع منذ سنوات.