2020-01-11 11:28:55
بقلم وليد فهمي | رئيس إتحاد موثقي مصر
تاريخ أزمة الشهر العقاري والمطالبة باستقلاله
تاريخ أزمة الشهر العقاري
أزمة الشهر العقاري ، والمثارة الآن بقوة بين مجلس النواب و وزارة العدل ، هي حديث الساعة الآن ، ولا يستطيع أحد أن ينكرها وجميع سلطات الدولة الآن تعترف بها وملتزمة دستورياً بسرعة البحث عن حل لها وإن كان الحل الوحيد لأزمة الشهر العقاري هو حل تشريعي في الأساس ، وهو أمر ثابت تاريخيا في محاولات الدولة المصرية الدائمة لعلاج الأزمة والتي يمتد تاريخها الى العام 1902 ، وهي أول محاولة تشريعية لعلاج الأزمة ولكنها للأسف انتهت بالفشل ثم ثارت الأزمة مرة اخرى عام 1920 وانتهت بخروج تشريعان جديدان لأول مرة بعد ثلاث سنوات من العمل هما القانونان رقم 18 و رقم 19 لسنة 1923 فيما يعرف بالتسجيل المزدوج ، ولكن للأسف فشلا أيضا القانونان في علاج الأزمة بسبب ازدواجية التسجيل العقاري بين المحاكم المختلطة والمحاكم الوطنية .
وفي عام 1946 أثار وزير العدل المصري وقتها وهو الدكتور محمد كامل مرسي باشا مسألة ضرورة توحيد جهات التسجيل العقاري المزدوجة في كنف جهة واحدة مستقلة ، وعلى الرغم مما واجه ذلك من صعوبات واعتراضات من بعض الجهات إلا أنه نجح في النهاية وأقتنع ملك مصر الملكية وقتها برؤيته التشريعية الجديدة ذات الجذور الفرنسية ، لعلاج الأزمة ووافق على إنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بموجب القانون رقم 114 لسنة 1946 والساري حتى اليوم ، كمصلحة قائمة بذاتها تتبع وزير العدل وفقا لنص المادة الأولى من قانون إنشاء الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، وتضمنت المذكرة الإيضاحية إن الهدف التشريعي من القانون الجديد هو توحيد جهات التسجيل العقاري وتنظيم عمليات التسجيل العقاري في جهة واحدة مستقلة وفقا لأحكام قانونية محددة وتنظيم هيكلي معين ، للقضاء على أزمة التسجيل العقاري وقتها ، وان كانت الأزمة وقتها ليست بالوضع الكارثي الموجود حالياً ، إلا إن العلاج كان دائماً وحصرياً هو علاج تشريعي ، وتضمنت أيضا المذكرة الايضاحية ان المصلحة المستحدثة تعتبر نواه لإنشاء هيئة قانونية مستقلة مستقبلا تختص حصريا دون غيرها بمسؤولية نقل وحماية الملكيات العقارية كتطور تشريعي ومنطقي لعلاج أزمة انهيار منظومة التسجيل العقاري وضعف استقرار الملكية العقارية في مصر ، والتي نص على حمايتها جميع الدساتير المصرية كافه بداية من دستور مصر 1923 .
تأييد قرار مجلس النواب باستقلال الشهر العقاري
و أكد وليد فهمي أن الصحوة البرلمانية القوية والتي تقترب من ثورة تشريعية عقارية ، وما أعلنه مجلس النواب المصري برئاسة الدكتور علي عبد العال الفقيه الدستوري وبإجماع النواب من أن علاج أزمة الشهر العقاري لن يكون إلا باستقلاله بتشريع جديد وهو الحل الوحيد ،، وهو ما يعبر عن توجه وطني وقومي من مجلس النواب عن حماية الملكية العقارية وتسهيل تداولها باعتبارها الجاذب الأول للاستثمار .
ومن جانبنا نحن الأعضاء القانونيين بالشهر العقاري والتوثيق أعلنا رسمياً تأييدناً ودعمناً المطلق لقرار مجلس النواب بشأن استقلال الشهر العقاري ، وتأكيدنا المستمر بأن علاج الأزمة لن يكون إلا تشريعياً ، وهو ما يتوافق مع مطالب أعضاء الشهر العقاري والتي ينادون بالاستقلال منذ عام 2009 وضرورة إعادة الهيكلة الشاملة للشهر العقاري وتحويلة لهيئة قانونية مستقلة ، لضمان قيامه بعمله على أكمل وجه وتقديم خدمة قانونية متميزة تليق بمصر والمصريين وتفعيل نص استقلال الشهر العقاري بالمادة 199 من الدستور .
أزمة الشهر العقاري وصلت لوضع كارثي
وأكد رئيس الإتحاد ان أزمة الشهر العقاري وصلت لوضع كارثي وخطير جدا ، امتدت آثارها السلبية بالتأثير على مناخ الاستثمار و الإصلاح الاقتصادي بمصر وتزايد رهيب في حجم المنازعات القضائية العقارية وانهيار كامل في منظومة التسجيل العقاري ، وهو ما أكدته ملاحظات البنك الدولي على خطوات الإصلاح الاقتصادي بمصر وتدني ترتيب مصر في سهولة اجراءات التسجيل العقاري .
ويشير وليد فهمي ان الأزمة التي اثارها مجلس النواب لا تنحصر فقط في مكاتب التوثيق والزحام الشديد والطوابير الطويلة من المواطنين أمام مكاتب التوثيق ، فهذه المشكلة وان كانت هي الظاهرة الآن للجميع وعلى الرغم من خطورتها الا ان سببها العجز الشديد في عدد موثقي الشهر العقاري و يمكن علاجها خلال 48 ساعة من خلال تعيينات جديدة وفوراً ، لكن الأزمة الحقيقية والتي أثارها بقوة مجلس النواب المصري وخبراء القانون والأقتصاد ، هي انهيار منظومة التسجيل العقاري بمصر وما نتج عن ذلك عدم استقرار الملكية العقارية العامة والخاصة ، وهو أمر غير دستوري لمخالفتة للمادة 199 من الدستور ، وكذلك يخالف مواد حماية الملكية العامة والخاصة بجميع الدساتير المصرية ، فحماية الملكية العقارية واجب دستوري في المقام الاول على الدولة بكل سلطاتها الإلتزام بحمايته و استقلال الجهة الحصرية المسؤولة عنه وهي الشهر العقاري ..
هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي
والمطالبة بهيئة مستقلة ليس وليد اليوم فأعضاء الشهر العقاري يطالبون بها منذ عام 2009 وحتى الآن بتحويل الشهر العقاري الى هيئة قضائية مستقلة أو هيئة قانونية مستقلة ذات اختصاص قضائي تحت أسم "هيئة الملكية العقارية والتوثيق " من خلال مشروع قانون جديد يقره البرلمان ، والغريب في الأمر أننا اليوم نتحدث عن الهيئة المستقلة وفي الوقت ذاته هناك دول الشهر العقاري بها وزارة قائمة بذاتها تسمى وزارة الأملاك والشؤون العقارية مثل تونس ودول أخرى القائم على التسجيل العقاري محاكم عقارية قضائية مثل سوريا والمانيا ، فأصبح من الواضح أننا تأخرنا كثيرا في التطور التشريعي المطلوب للتسجيل العقاري بمصر وصولاً به للمعايير الدولية والعربية ، ففي الوقت الذي نتابع فيه التشريعات العربية المماثلة والتي يتم تغييرها وتطويرها على الأقل كل خمس سنوات لمواكبة التطور السريع للاستثمار العقاري و الإصلاح الاقتصادي المتنامي بها ، نجد ان الوضع التشريعي العقاري في مصر قد تأخر كثيرا عن ذلك وتوقف عند عام 1946
فهل يفعلها مجلس النواب ويحقق أستقلال الشهر العقاري ، ويكون صاحب الفضل في علاج الأزمة التي تمتد جذورها الى عقود طويلة من الاهمال والتهميش حتى طالت اثارها السلبية كافة مناحي الحياة ، وأصبحت العقبة الرئيسية للإصلاح الاقتصادي و توفير المناخ المناسب والجاذب للاستثمار .