2016-05-28 11:23:03
بقلم وليد فهمي - رئيس إتحاد موثقي مصر
توصيـــــــــــــــــــات
الملتقى السنوي الأول لموثقي مصر
تحت عنوان
استقلال العضو الفني بالشهر العقاري
في ضوء الدستور ومنظومة العدالة المصرية
مفردات وعناصر استقلال العضو الفني بالشهر العقاري
والذي تم تنظيمه لأول مرة في تاريخ الشهر العقاري منذ تأسيسه عام 1946م ، تحت رعاية وتنظيم إتحـاد موثقـي مصـر ، وحضر الملتقى العديد من أعضاء الشهر العقاري من جميع مكاتب الشهر العقاري والتوثيق على مستوى الجمهورية ، وتمت حلقة نقاش موسعة بين جميع الحضور حول طبيعة عمل الموثق المصري (العضو الفني بالشهر العقاري) وتم تلقي العديد من الاقتراحات والرؤى من السادة الحضور ، حول عناصر ومفردات استقلال العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق بما يحقق الترجمة الحقيقية لنص المادة 199 من دستور مصر 2014 :-
" .......... الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذى ينظمه القانون."
ومن جملة العناصر والمفردات والمقترحات ،، التي عرضها وقدمها السادة الحضور من أبناء الشهر العقاري حول مفهوم استقلال وحياد العضو الفني بالشهر العقاري (الموثق) خاصه واستقلال الشهر العقاري عامه، والتي كفلتها المادة ( 199 ) من الدستور ، توقياً لأي تأثير محتمل داخلي او خارجي ، ( قانونيا – ماليا – اداريا ) قد يميل بالعضو الفني إنحرافاً عن ميزان الحق ، والكتابة بين الناس بالعدل شهرا وتوثيقا .وكما أن الدستور نص على أنه لا يجوز بحال التدخل في سير العدالة كمبدأ عام ويندرج تحته بلا شك العمل الفني بالشهر العقاري باعتبار ان الاعضاء الفنيون بالشهر العقاري جزء لا يتجزأ من مكونات منظومة العدالة المصرية . وهذا المبدأ الأخير لا يحمى فقط استقلال العضو الفني بالشهر العقاري ، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل الفني بالشهر العقاري وليد نزعة شخصية غير متجردة ، وهو أمر يقع غالباً إذا بحث العضو الفني في أحد العقود او النزاعات العقارية بين المتعاقدين سبق أن أبدى فيه رأياً . ومن ثم تكون حيدة العضو الفني شرطاً لازماً دستورياً لضمان عدم التدخل في عمله القانوني البحت والمتخصص فيه فنيا دون غيره من كافه ابناء الاسرة القانونية وبين المهن القضائية كافه .
لذلك يعتبر استقلال العضو الفني بالشهر العقاري الدستوري وتوفير الحماية والضمانات اللازمة لممارسة عمله القانوني باستقلال يستند هدفه التشريعي الى تمكينه دستوريا وقانونيا وعلميا وعمليا من حماية الملكية العقارية لمصر والمصريين بصفتها الركيزة الاساسية لاستقرار الملكية العقارية باعتبارها قاطرة النمو الاقتصادي للاقتصاد المصري ،والجاذب الاساسي للاستثمار الوطني والعربي والاجنبي ، وعنصر اساسي في تحقيق الأمن التعاقدي والقانوني والسلم الاجتماعي بين افراد المجتمع المصري .
وبما ان فكرة ومبادئ حماية الملكية العقارية تعرضت للإهمال والتهميش المتعمد خلال السنوات الماضية في ظل غياب هيئة عليا مستقلة معبرة عن قدسية حقوق الملكية العامة والخاصة والتي نص صراحة على حمايتها دستور مصر2014 في أكثر من مرة ويعتبر من الحقوق الفريدة المصونة أن لم يكن الحصري الذي أكد عليه الدستور في أكثر من مادة دستورية إلا أن الواقع المؤلم للقطاع العقاري يظهر لنا عكس ذلك وأصبح التصرف في الملكية العامة وكأنها خاصة والخاصة وكأنها عامه حيث استباح الفاسدين أراضي الدولة والمواطنين بدون رادع أو رقابه قانونية أو قضائية .
والثابت أن الملكية العامة والخاصة لها علاقة مباشرة بغريزة المنفعة والثروة والتي تتمحور حولها سعادة الإنسان ورفاهيته وتنمية الدولة في اجل صورها التنموية الاقتصادية منها والاجتماعية ، والدولة باعتبارها " أم المؤسسات " وتعمل وفقا لوظيفتها التنفيذية والتشريعية والقضائية على إشاعة رقعة المنفعة العامة والخاصة وبما أن الملكية والتملك إحدى غرائز الإنسان تحقيقا لمنفعته الخاصة والعائلية ولا يجوز مساسها إلا بقانون واجراءات محكمة يقوم على تطبيقها أعضاء مستقلون والملكية العقارية ما هي إلا نتيجة لجهد شخص او مجموعة اشخاص أدى إلى تكوين العقار وقد تكتسب للبعض عن طريق الهبة أو الوصية أو أن تكتسب عن طريق الميراث الشرعي للورثة ومن هنا للملكية العقارية أبعاد دينية في الشريعة لا يجوز المساس بها ، بل يجب حمايتها والحفاظ عليها . وقد تنشأ الملكية العقارية عن طريق الاغتصاب سواء من الأفراد أو حتى بنزع الملكية من الدولة نفسها أو عن طريق غسيل الأموال المنهوبة من المال العام .
هذا السيناريو لأوضاع الملكية العقارية في مصر يستدعي بل أصبحنا كلنا ملزمين كمواطنين شرفاء كلا في مكانه وموقعة إلى نظرة جادة وعميقة واهتمام حقيقي من الدولة ومن المجتمع بجميع فئاته وطوائفه لوضع منظومة متكاملة الأركان والقواعد لحماية الملكية العقارية والمنقولة ، العامة والخاصة في ظل أجواء من الشفافية والعدل والحياد والنزاهة نحو إقرار مبادئ استقرار الملكية العقارية في مصر من خلال ضمان وتحقيق استقلال الاعضاء الفنيون بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق وحمايتهم وما يستلزم ذلك من إنشاء هيئة عقارية عليا مستقلة يتمتع اعضائه بالاستقلال الكامل فنيا وماليا واداريا والحماية والضمانات اللازمة لممارسة عملهم القانوني باستقلال وحياد ، لإعداد كتيبة من الجنود قادرة على حماية حقوق الملكية العقارية والمنقولة لمصر والمصريين للقضاء على مناخ الفساد والتلاعب بمقدرات الوطن والمواطنين والتعدي على أملاك الدولة ، هذه البيئة العشوائية الفاسدة والتي حكمتها الأهواء الخاصة والمطامع الشخصية ، وسيطرت عليها مافيا سرقة أراضي الدولة والمواطنين ،وانتهك فيها الدستور والقوانين بأكثر من صورة وطريقه ، الى جانب التدخلات والضغوط الداخلية والخارجية ، المباشرة بالتسجيل والتوثيق بالمخالفة للقانون من أعمال ضغط وتهديد بالحبس وإرهاب وظيفي ونقل تعسفي ضد الأعضاء القانونيين القائمين على التسجيل العقاري والتوثيق بمصر ، وفي ظل غياب الوازع القانوني والتشريعي لدى المشرف على تنفيذ السياسات العقارية وعلاقتها بالملكية العامة والخاصة ومدى ونطاق ارتباطها الوثيق بالتنمية الاقتصادية ، وليس ذلك فقط بل أدى غياب هيئة عقارية مستقلة لحماية الملكية العقارية وصونا للسلم الأهلي والاجتماعي أدى إلى تراكم قضايا الملكية العقارية في مصر نظرا لحساسية موضوع الملكية العقارية في مجتمعنا المصري والتي لا تفرق بين ما هو عام وبين ما هو خاص .
فالتوثيق والتسجيل الذي نعرفه الآن في مصر هو في الحقيقة قبل أن يكون وظيفة حكومية نتشرف نحن الأعضاء القانونيين بتكليفنا بها لخدمة مصر والمصريين ، هو في الأصل رسالة مقدسة ومهنة عريقة جليلة مهمة جدا للمجتمع والأفراد تناولتها كافه دول العالم بالحماية والاهتمام واحتفظت لها بمكانه راقية وضوابط وشروط وإجراءات محكمة تهدف إلى استقلال وحماية ونزاهة وحياد القائمين عليها جنبا إلى جنب مع سهولة الحصول عليها بعيد عن أي روتين أو فساد قد يخرج هذه المهنة كرسالة سامية من مضمونها ونبل أهدافها ومبادئها السامية في حماية أموال وملكيات وأعراض المواطنين من تدخل وعبث الفاسدين .
فالوثيقة أو المحرر الموثق أو المشهر هي تسجيل ثابت للحدث ساعة حدوثه بما يحفظ تفصيلات الموضوع ويحميها من عوامل التغيير والزيادة والنقص الذي قد يطرأ عليها لتبدل الأفكار والتوجهات وتأويلات المتأخرين وتحريفاتهم إما قصدا نتيجة الأهواء الشخصية أو بدون قصد نتيجة الجهل والنسيان الذي هو من الطبيعة البشرية ويعتبر مجال التوثيق والتسجيل من المجالات الحيوية التي يجب الاهتمام بها والعمل على تجديدها وتطويرها لدورة المهم بين الإفراد في الحفاظ على ثروتهم العقارية والمنقولة ، ومكون اساسي من مكونات منظومة العدالة المصرية .
أن التوثيق والتسجيل مهنة قضائية قانونية بحته ومكملة لرسالة القضاء بامتياز، بحفظها وصيانتها للحقوق والاملاك ، وجزء لا يتجزأ من منظومة العدالة المصرية ، فهي تخفف عن القضاء العبء في البت في العديد من الملفات والمنازعات العقارية منها والمنقولة ، التي يتم حلها وعلاجها والبت فيها داخل مكاتب الشهر العقاري والتوثيق برضا الأطراف المتنازعة. كما أنها تسهل مأمورية القاضي في البت في النزاعات التعاقدية المحتملة والمرتبطة بخلاف بين طرفي العقد.
نعلم أن الموثق (العضو الفني بالشهر العقاري) هو المسئول مدنيا وجنائيا واداريا باعتماده للـ العقود والمحررات التي يؤمن لها الحماية القانونية المطلقة ، ويوفر لها الحجية الثبوتية المطلقة ،والثابت ايضا إن الدور الأساسي للموثق يتمثل في ترجمة إرادة المتعاقدين في إطار ما تسمح به المقتضيات القانونية والثوابت الشرعية الجاري بها العمل، وإضفاء الصبغة الرسمية على اتفاقاتهم العرفية عن طريق عقد توثيقي رسمي يتوفر على القوة الثبوتية المطلقة كسند تنفيذي والحجية المطلقة كالأحكام القضائية . وبالتالي يصبح هذا العقد حجة قانونية ملزمة لأطراف العقد خاصه ،وللكافة عامه ، ولا يمكن تغيير بنوده أو اثاره أو التراجع عنها إلا بإرادة الأطراف نفسها. وامام موثق عدل ، حتى يكون كل طرف على بينة من حقوقه وواجباته والآثار القانونية المترتبة عن مقتضيات العقد.
وبالتالي فهم يلجئون إلى الخبرة القانونية ،والتخصص الفني ، وإلى الحياد والتجرد كما يلجئون إلى الثقة والنزاهة والمصداقية وهذه المقومات القانونية والمهنية الحصرية تؤهل الموثق للعب دور الحكم في الموضوع المتنازع حوله وغالبا ما نتوقف في هذا الدور الوقائي ، خاصة أن العقد ألتوثيقي يكون دائما محبوكا بطريقة قانونية دقيقة محكمة لا تقبل التأويل أو القراءة الخاطئة في قالب شكلي ورسمي معين ومحكم بقوة ثبوتية مطلقة لا يطعن عليها إلا بالتزوير وحجة قانونية مطلقة ليس فقط ملزمة لأطرافه بل وللغير أيضا بل ولأبعد من ذلك أمام القضاء نفسه .
ونلاحظ حاليا اتساع الإقبال على هذا النوع من العمل القانوني المتخصص فنيا مع عولمة الاقتصاد والمعاملات التجارية السريعة والخدماتية المتخصصة وأيضا أمام تطور أساليب النصب والاحتيال على القانون، وحالات التزوير والغش التي انتشرت في الفترة الاخيرة ، بل حتى الحياة السياسية والدستورية وكان أخرها توثيق إقرارات التأييد الرئاسية - (التوكيلات الرئاسية) - لمرشحي انتخابات رئاسة الجمهورية خلال عامي 2012 ، 2014 ،، فالموثق بفضل مؤهلاته العلمية وخبرته العملية وتخصصه الفني وحياده ونزاهته وواجبة المهني والأخلاقي والقانوني ومسؤوليته المدنية والجنائية والإدارية يبقى المؤهل الأساسي والحصري لتقديم هذا النوع من العمل القانوني المحترف .
أذن الأمر يجب أن ينظر إليه من زاوية أكثر شمولية ذات عمق تشريعي واهتمام تنفيذي ،ودعم قضائي ، وترتبط شكلا وموضوعا بالوضعية العامة للموثق (العضو الفني بالشهر العقاري ) ولمهنة التوثيق والتسجيل خاصه ، إذ لابد من تدخل الدولة من خلال قيادتها السياسية الواعية ، وبتعاون مع أفراد المجتمع ودعم من سلطات الدولة الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية) من أجل تفعيل وتحقيق وتطبيق وتفعيل وترجمة المادة رقم (199) من دستور مصر 2014 من أجل تحصين المهنة وأعضائها، وتوفير كل الشروط والضمانات التي من شأنها أن تهيئ الظروف المناسبة قانونيا واجتماعيا لممارسة عملهم في مناخ من الاطمئنان على حاضرهم ومستقبلهم، و تغنيه عن اللجوء إلى بعض الأعمال التي تتنافى مع المهنة وتسيء إليها. وتبقى أنجح طريقة لتفادي هذه الظاهرة هي توفير الاستقلال والضمانات والحماية التشريعية والقانونية والاجتماعية والصحية للأعضاء القانونيين داخل بيئة العمل المناسبة.
الموثق هو حقيقة قاض وقائي اختياري للمحافظة على حقوق الأطراف وممتلكاتهم ، ويستند دوره القانوني على مبدأ سلطان الإرادة بين طرفي التعاقد ، والمسئول الأول والاخير عن توفير الأمن التعاقدي والقانوني بين افراد المجتمع ، ويمكن القول إن دوره دور وقائي داخل منظومة العدالة المصرية ، لدرأ النزاعات المستقبلية وإنعدام نسبة حدوثها ، في حين أن القاضي والمحامي يتدخل في حالة المنازعات وبعد قيامها بين المتعاقدين ، أما الموثق في غالبية أدوارة القانونية وبتدخله قبل النزاع فإنه يعمل على إحكام المعاملة التوثيقية وصياغة بنودها وشروطها وفقا لأحكام الدستور والقانون والتعليمات وطبقا لإرادة ورغبة المتعاقدين فيخرج عقد رسمي كامل الأركان شكلا وموضوعا ويحوز حجية ثبوتية مطلقه كسند تنفيذي قوي ليس فقط بين أطرافه كالأحكام القضائية بل يمتد أثارة القانونية في الحجية والإثبات إلى الكافة والغير أيضا وليس فقط أيضا بين أطرافه وأمام الغير بل حتى أمام القضاء ذاته ،، لان التوثيق والتسجيل يحرر ويتم في وقت لا نزاع فيه بين المتعاقدين وتقرر فيه الحقائق والحقوق على طبيعتها وقت إنشائها وحدوثها و أمام موثق عدل فعند النزاع بين المتعاقدين وتقديم المحرر الموثق للقضاء – تنطق الكتابة المكتوبة بالعدل والمثبتة مسبقا بالوثيقة بتلك الحقائق والحقوق حكما نهائيا لا رجعة فيه والتي سبق إثباتها والاعتراف والإقرار بها أمام موثق عدل بدون غرض أو تحيز أو خطأ أو نسيان فلا يكون أمام القاضي إلا الإقرار بها حسبما وثقت وسجلت وفقا لإرادة ورغبة أطرافها وقت توثيقها.
وأخيرا تم تتويج جهود الموثقين المصريين (الأعضاء القانونيين بمصلحة الشهر العقاري) والتوثيق خلال الاعوام الخمسة الماضية ، بـ نصا دستوريا وهو المادة 199 من دستور مصر 2014 الآتي نصه :- ".......................الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم، على النحو الذى ينظمه القانون." والذي بموجب هذا النص الدستوري ، تم تحقيق الحماية الدستورية للأعضاء القانونيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق خلال اداء عملهم القانوني ورسالتهم المهنية في حماية الملكية العقارية والمنقولة لمصر والمصريين ، بموجب ضمانات فعلية وحماية حقيقية واستقلال كامل ، نطالب الان بتفعيلها بتشريع قانوني قوي يضمن تطبيقها على ارض الواقع اسوة بزملائنا بجميع دول العالم وتطبيقا للمعايير الدولية في مجالي التسجيل العقاري والتوثيق وتحقيقا لاستقرار الملكية العقارية ، باعتبارها قاطرة النمو الاقتصادي المستدام في جميع دول العالم .
بناء على ما سبق نستطيع أن نوجز :-
أهم مفردات وعناصر استقلال العضو الفني بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق
والترجمة المطلوبة لنص استقلالهم الدستوري الوارد بالمادة (199) من "دستور مصر 2014" ،ويقابلها الآية 282 من سورة البقرة من الدستور الالهي الصادر من فوق سبع سموات "القران الكريم" والتي يمكن تحديدها في النقاط الاساسية التالية :-
أولا : الاستقلال الكامل
وهو عنصر خارجي ، والذي مؤداه : أن يكون تقدير وبحث كل عضو قانوني لوقائع وحيثيات العقد او المحرر ، المعروض عليه لتوثيقة او شهره ، وفهمه لحكم القانون بشأنه ، والبحث عن القانون او القوانين واجبة التطبيق ، ثم تطبيق احكام الدستور والقانون وتعليمات ومنشورات الشهر العقاري عليه ،ووفق اجتهاده الفني في حال عدم وجود نص ينظم العلاقة القانونية ،، متحرراً من كل قيد ، أو تأثير ، أو إغواء ، أو وعيد ، أو تدخل ، أو ضغوط ، أياً كان نوعها أو مداها أو مصدرها أو سببها أو صورتها ، ما يكون منها مباشراً أو غير مباشر ، و مما يعزز هذه الضمانـة ويؤكدها ، استقلال العضو الفني عن السلطة التنفيذية ، وأن تنبسط ولايته على كل مسألة من طبيعة فنية بالشهر العقاري والتوثيق ، وأن يكون استقلال أعضائه كاملاً ، قبل بعضهم البعض ، فلا تتأثر قرارتهم شهرا او توثيقا ، بموقعهم من رؤسائهم أو أقرانهم على ضوء تدرجهم وظيفياً فيما بينهم . كما يتعين دوماً أن يكون إسناد وتوزيع العمل الفني بين الاعضاء فيما بينهم عملاً داخلياً محضاً ، وبعدالة مطلقة شكلا وموضوعا فلا توجههم سلطة دخيلة عليهم أياً كان وزنها . تطبيقا للأمر الشرعي الوارد بالآية الكريمة ( ولا يضار كاتب ولا شهيد) .
ثانيا : الحيـــاد
وهو عنصر داخلي نابع من ضمير الموثق يعكس التجرد الكامل عند بحث وتوثيق وشهر كافة انواع المحررات المقدمة الية ، والالتزام بالقانون والخضوع للضمير ، أنه الاعتدال المتجرد ، ويتلخص في ضرورة النص تشريعيا مستقبلا على عدم التحيز لأى خصم او تيار سياسي وضرورة الحظر التشريعي على الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري والتوثيق الانتماء للأحزاب السياسية ، وممارسة العمل الحزبي ، فتحقيق مبدأ الحياد يطمأن العضو الفني الى جهة عمله ونزاهتها ،واستقلال مهنته ، وألا يكون للموثق صلة قرابة أو علاقة بأطراف التعاقد وإلا كان غير صالح للعمل القانوني ويخضع لقاعدة عدم الصلاحية .ولا أن يتدخل أو يتوسط في أية عقد او علاقة تعاقدية أو منازعة عقارية معروضة على الشهر العقاري تتعلق بمن يكون له صلة بهم سواء قرابة او مودة او كراهية ، ويتعين رده اذا ثبت مخالفة ذلك . كما أنه يجب ان ينص القانون على حتمية تنحي العضو الفني بالشهر العقاري – الموثق - عن مباشرة العمل الفني في أي محرر او عقد تكون للعضو الفني أو لأحد من أقاربه مصلحة فيها، تطبيقا لقوله تعالى : ( فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا ) ،وأن لا يسعى لإثبات الدليل وسند الملكية بنفسه ، ويقتصر عمله الفني على أن يتلقى الأدلة وسندات الملكية والحجج والبراهين التي يقدمها الخصوم من سندات الملكية سواء للإثبات أو للنفي وفقا للقواعد التي حددها القانون ويقارنها ويراجعها بما هو ثابت لدية من عقود موثقة او مشهره ومراجع هندسية وخرائط مساحية ، وعلى العضو الفني أن يناقش هذه الأدلة والمستندات ويفاضل بينها ويقدرها لتكوين اقتناعه في العقد المطلوب توثيقه حتى لا يكون قراره مشوب بمخالفة القانون ،وألا يقضي بعلمه الشخصي في العقود والمحررات المعروضة عليه ،ولا يجوز أن يكون اقتناعه عن طريق احد المتعاقدين خارج دائرة الاجراءات القانونية الرسمية المتبعة ودورة العمل المستندية المقررة وفقا لقانون وتعليمات الشهر العقاري والتوثيق .
ثالثا : الكفــاءة الفنية
الكفاءة الفنية العلمية والعملية وهى القدرة على القيام بالعمل الفني في شهر وتوثيق العقود على مستوى عالي من الكفاءة والدقة والتخصص ،بأن يكون العضو الفني بالشهر العقاري متخصصا مهنيا وقانونيا ومؤهلا من الناحية القانونية والشخصية ولديه من الخبرة العلمية والعملية بما يمكنه من اداء مهمته بمهنية وشرف واحترافية ومصداقية ، وعنصر الكفاءة الفنية مهم جدا وترجع أهميته لخطورة وأهمية العلاقات التعاقدية العقارية القائم على حمايتها الموثق والتي تتطلب دقة نظر قانونية متعمقة أو فقهية متخصصة لحماية وحفظ الحقوق باحترافية مهنية متميزة من خلالالقدرة على تحليل الوقائع وقراءة الأحداث وفهمهما والبحث عن القانون الواجب التطبيق على العقد او العلاقة التعاقدية المعروضة امامه ، وضرورة إلمام الموثق بكافه القوانين وتعديلاتها والآراء الفقهية التي تناولتها بالشرح والتحليل وكذلك متابعته المستمرة للأحكام القضائية المتنوعة ذات الصلة بعمله الفني ومراجعته الدائمة لكافة المنشورات الفنية الصادرة عن مصلحة الشهر العقاري والتوثيق اولا بأول .بما إن العضو الفني ملتزم بمتابعة التطور التشريعي باعتبار أن القاعدة القانونية كائن حي يتطور ، والعضو الفني بالشهر العقاري هو أول من يلمس هذا التطور والتبدل وأول من يحس بالحاجة إلى التغيير والتجديد ، لأنه في خطوط الدفاع الأمامية للحفاظ وحماية حقوق الملكية واكثر احتكاكا بالمواطنين ومشاكلهم ونزاعاتهم بشكل مكثف جدا يوميا .
رابعا : حرية الرأي والاجتهاد
لم يتطرق القانون او تعليمات الشهر العقاري الفنية الى كافة الامور والمسائل وترك بعضها لتقدير وموائمة العضو الفني عند عدم النص ، وفقا لما يمليه عليه ضميره المتجرد ولذلك لا يجوز محاسبته على اجتهاداته الفنية ، ولو كانت خطأ ، فإذا لم يجد العضو الفني في نصوص التشريع قاعدة يطبقها على العقد المعروض امامه ، كان لابد له من البحث عن القاعدة خارج هذه النصوص ، وذلك باللجوء إلى مصادر القانون الرسمية الأخرى المتعارف عيها وما تواترت عليه الاحكام القضائية واراء الفقهاء القانونيين والاجتهاد الفني المتحرر باللجوء الى مجمل العبارات ومبادئها وروح النص العام وما يقصده المشرع وهدفه التشريعي .وأن يفسرالعضو الفني الألفاظ والمصطلحات القانونية وفقا لمقصد المشرع وهدفه التشريعي ، ويجب أن يجتهد برأيه لمقارنة ما بين يديه من العقود والحالات المماثلة أو المشابهة وبإمكانه اللجوء إلى آراء الفقهاء للاستعانة بها دون أن يكون ملزما بها. ومراعاة العرف والمعاملات ومبادئ العدالة المطلقة ، وبهذا يمكن للعضو الفني أن يفتح باب الاجتهاد وحرية الرأي في الوقائع والنزاعات العقارية التي لا يوجد فيها نص صريح . والاسترشاد بما جرت عليه سوابق العمل الفني بالشهر العقاري في جميع المكاتب على مستوى الجمهورية من خلال التواصل المستمر بين الاعضاء لتبادل الخبرات ويمكن تفعيلها عمليا بطريقه مثمرة وايجابية راقية من خلال الملتقيات والندوات القانونية الدورية ، التي تهدف الى توحيد الاجتهادات الفنية بين أعضاء الشهر العقاري ، وبجانب الاجتهاد الفني ، يجب ان يلجأ العضو الفني للقياس في حالة نقص التشريع ، أي عندما تعرض عليه حالة لم يرد بشأنها نص خاص في القانون او التعليمات الفنية لشهر العقاري ، فيطبق عليها نصا تشريعيا مقررا لحكم حالة أخرى إذا ما وجد أن الحالتين متشابهتان تماما وأنهما متحدتان في السبب أي العلة.
خامسا :قواعد التعيين والترقية والتأديب
التعيين
يجب ان يكون تعيين رئيس المصلحة بالتعيين من رئيس الجمهورية وفقا لترتيب أقدميتهم المطلقة من بين الأعضاء الفنيين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق ووفقا لما يرشحه المجلس الأعلى للشهر العقاري ، وان يؤدي اليمين القانونية أمام السيد رئيس الجمهورية ، وليس بالندب من وزارة العدل كما يتم حاليا ، لأنه من أهم ضمانات استقلال الاعضاء الفنيون ألا يشعر العضو الفني بأن قياداته منتدبة او غير مستقلة كما هو الحال الان ، ويعد هذا تطبيقا حرفيا شكلا وموضوعا لقانون تنظيم الشهر العقاري الساري الان رقم 5 لسنة 1964 ،
وان يكون تعيين باقي قيادات المصلحة من رؤساء القطاعات والإدارات المركزية وأمناء المكاتب بالمحافظات وفقا لأقدميتهم المطلقة ممزوجة بكفاءتهم العملية والعلمية ووفقا لما يقرر ويعتمده المجلس الاعلى للشهر العقاري والتوثيق باستقلال كامل ونزاهة وشفافية مطلقة بعيدا عن أي ضغوط او تدخلات مرفوضة داخليا وخارجيا.
وبالنسبة للمعينين الجدد من الأعضاء ، يجب ان يكون تعيينهم من خلال مسابقة سنوية علنية تحكمها النزاهة والشفافية والعدالة المطلقة لاختيار الأفضل والأصلح من حسني السير والسمعة والسلوك والأكثر كفاءة علميا وعمليا والأعلى تقديرا ومؤهلا من الحاصلين على ليسانس الحقوق أو الشريعة والقانون بتقدير جيد على الأقل وان يكون حاصلا على درجة الماجستير في القانون أو الدكتوراه في الحقوق ، وبشرط اجتيازه امتحانا تحريرا وشفويا لاختبار قدرات المتقدمين ومدى وسعة كفاءتهم العلمية والعملية ، والأسئلة تكون متعلقة بتخصص الحقوق عامه والعمل الفني شهرا وتوثيقا خاصة ، والأسئلة تكون متعمقة وغير سهلة، وتحتاج أن يكون الشخص متمكناً من التخصص الفني ، وملماً بجميع مواده وأقسامه وفروعه.
ثم نجاحهم بمقابلة شخصية يراعى فيها الآتي : تحقق الكفاءة الذهنية والخلقية والمستوى العلمي من خلال السجل الأكاديمي للمرشحين وسلامة الحواس، والخلو من العاهات الجسمية الظاهرة وحسن سيرته واعتدال شخصيته، وحسن سمته وسمعته، وفهمه. وسلوكه من خلال السؤال عنه بتحريات موضوعية مستقلة ، ونجاحة بالامتحان التحريري والشفوي والمقابلة الشخصية ويخضع العضو لدراسة وفترة اختبار بمعهد عالي للدراسات القضائية بفترة دراسة لا تقل عن ستة شهور يشرف عليها هيئة تدريس اكاديمي من قدامى الاعضاء واساتذة القانون من كليات الحقوق المصرية ويشرف على هذه الاجراءات كليا المجلس الأعلى للشهر العقاري باستقلال كامل وترفع كشوف المقبولين الى السيد رئيس الجمهورية والموافقة عليها واعتمادها ،واداء اليمين القانونية امام وزير العدل قبل مباشرة مهام عمله القانوني . بأن يكون مخلصا لوطنه محترما للدستور والقانون وان يؤدي أعمال وظيفته بالذمة والصدق .
الترقية والنقل والندب
لا يجوز ان يتم نقل أو ندب أي عضو الا بناءا على طلبة وموافقته الكتابية ، ولا يجوز النقل التعسفي والقسري نهائيا ، وان تتم حركة التنقلات والترقيات جماعية كليا لجميع الاعضاء بين مختلف المواقع والمكاتب لتبادل واكتساب الخبرات ، من خلال حركة تنقلات وترقيات دورية منتظمة تعتمد الأقدمية المطلقة ممتزجة بالعدالة والشفافية والنزاهة والكفاءة وحسن سير العمل اساسا لها وتكون هذه الحركة كل ثلاث سنوات على الأقل . ولا يجوز لأي جهة او سلطة ان تتدخل و التأثير في نقل وندب الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري ،، فقد يكون نقل العضو من مكان إلى آخر مبنياً على دوافع شخصية أو نكاية به أو بعيداً عن المصلحة العامة وحسن سير العمل .
التأديب
لا يجوز مسائلة العضو الفني تأديبيا عن عمله الفني الا من خلال جهاز التفتيش الفني ، ولا يصدر قرار مجازاته الا بعد موافقة المجلس الأعلى للشهر العقاري ، وبعد ابداء العضو لدفاعه الدستوري كاملا شفويا وكتابيا وله الحق في ايداع مذكراته الدفاعية المؤيدة بالمستندات والأدلة دفاعا عن نفسه ولا يجوز محاسبته تأديبيا على اجتهاده الفني ورأيه عند عدم وجود النص ، ولا يجوز نهائيا التدخل في عمل واجراءات التفتيش الفني سواء الدوري او عند نظر مخالفة فنية ذات طبيعة تخصصية ، ولا يجوز التحقيق معه من النيابة الادارية بسبب مقتضيات عمله الوظيفي ويكون التحقيق معه إداريا من إدارة التحقيقات بالمصلحة ، ولا يجوز القبض عليه او مسائلته بسبب عمله الفني من أي جهة الا بعد إذن المجلس الاعلى للشهر العقاري وبعد إعداد مذكرة فنية وافية عن ملابسات ووقائع الواقعة ما دام مرتبطة ارتباطا وثيقا بمهنته وعمله الفني و الوظيفي وخاصه في حالات الطعن بالتزوير على المحررات الموثقة والمشهرة والتي يتم افتعالها كيديا من بعض ضعاف النفوس وفاسدي الضمير ، بسبب انها الطريقة الوحيدة الحصرية وفقا لقانون الاثبات المصري للطعن في حجية المحررات والعقود الموثقة والمشهرة ، ولا يجوز القبض عليه إلا في حالات التلبس وبعد التأكد من صحة الواقعة وادلتها ووقائعها المادية وسرعة إخطار المجلس الاعلى بالواقعة وملابساتها .
ومما سبق يدعونا إعادة النظر شكلا وموضوعا وبالتأكيد تشريعيا في الطرق المتبعة في تعيين و ترقية و تأديب الاعضاء الفنيون بالشهر العقاري من أجل ضرورة تحقيق المزيد من الشفافية و الموضوعية ، وتحقيق وتفعيل استقلالهم كاملاً ونقل كافه هذه السلطات عمليا الى مجلسهم الاعلى وليس فقط نظريا كما هو الحال الان .
سادسا :شخصية الموثق (العضو الفني)
اهم صفات شخصية العضو الفني هو العدالة وتنفيذ الأمر الشرعي الوارد بالآية 282 من سورة البقرة ( فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ) الى جانب إيمان العضو الفني بضرورة استقلاله ويعطى هذا الايمان للعضو الفني الدافع والشجاعة والمقدرة على الحفاظ على استقلاله وايمانه بقدسية وخطورة مهنته وطبيعة عمله القضائي . والتزامه بتقاليد وسلوكيات المهنة اخلاقيا وفنيا ويسعى إتحاد موثقي مصر حاليا الى صياغة واعداد وثيقة اخلاقيات المهنة للموثقين المصريين وفقا للمعايير الدولية المقررة عالميا ، ليعلم جميع الاعضاء حقوقهم وواجباتهم وما ينبغي عليهم من التمسك بالأخلاق الفاضلة في القول والعمل ، والتخلق بالأخلاق الجميلة والخصال الحميدة المبنية على الاحترام المتبادل ، وليس فقط بين الاعضاء وبعضهم وايضا بين الاعضاء وسائر المتعاملين معهم من المتعاقدين أو الغير .وأن يكون شهم الاخلاق ، واسع الصدر محيطاً بكافّة ملابسات وظروف العلاقة التعاقدية التي يكتب فيها بالعدل .حاضر الذهن ، بطيءالغضب ولاسيّما حين سماعه لأقوال واشتراطات المتعاقدين وتلقي ارادتهم ورضاهم .و أن يكون ذا روح عالية قوية لا تجعله يخشى ذوي النفوذ والسلطة ، واثقا من قوته واستقلاله عزيز النفس وعالي الهمّة ، بعيداً عن أطماع الدنيا ، مترفّعاً عن المغريات المادية ، وأن يكون ممّن له القدرة على الإدارة وبُعد النظر من أهل البحث والتحقيق والتدقيق ولا يمرّ بسهولة أو بسرعة عند التحقق من الشخصية وبحث الصفة والسلطة والاهلية والتحقق من رضا وقبول وايجاب طرفي التعاقد ، ولا يقبل او يرفض أي محرر او تعاقد دون بحث ودليل وعلم و إذا اشتبهت عليه الاُمور وبدت له صعوبتها لم يفقد القدرة على الاحتياط والحذر والمراجعة المتأنية حفاظا على الحقوق وحمايتها ، ولا يتخلّى عن كشف الواقع على أساس الأدلّة والبراهين ، سمح الوجه مع المتعاقدين والغير ،و لا يكلّ عن سماع شروطهم واتفاقاتهم ،و لا يخدع بأساليب المكر والحيلة والتزوير ولا يستهويه التملّق والإطراء ، وأن يكون صارماً في عمله الفني إذا تكشّفت له الحقائق لا يعيقه أيا كان عن العدل والعدالة ، فليس في عمله محاباة لأحد و لا بخس لآخر .
سابعا : البعد عن الشبهات
البعد عن الشبهات شكلا وموضوعا وهي من اهم شروط استقلال العضو الفني حيث يبث الثقة في نفوس الجميع تجاه الشهر العقاري عامه كمؤسسة حكومية منوط بها حصريا حماية وحفظ حقوق الملكية ، واستقلال اعضائه خاصه ، ويجعل للشهر العقاري هيبة واحتراما ، ويوجب هذا المبدأ البعد عن الاعمال التي تتناقض واداء العضو الفني لمهامه ، فـ لا يجوز للموثق أن يعمل في أيّة وظيفة تجارية ، ولا أن يجمع مع وظيفته الفنية أيّة وظيفة أخرى، باستثناء الوظيفية الأكاديمية كالتدريس الجامعي ، وعليه أن يأخذ الإذن من المجلس الأعلى للشهر العقاري والتوثيق . ولا يجوز له التوسّط لدى أي عضو آخر في علاقة تعاقدية منظورة لديه. وعليه أن لا يقبل أيّ تدخل من أي سلطة أخرى في عمله القانوني ، مهما كانت الأسباب. و لا يجوز له الانتماء إلى أي حزب، ويحظر على الموثق وعائلته قبول أيّ هدية أو مكافأة من أي أحد، لأنّه لولا طبيعة عمله لما قُدمت له تلك العطايا. ويحظر على الموثق إفشاء أسرار المحررات والعقود التي ينظرها قبل صدور قراره بشأنها قبولا أو رفضا ، وكذلك يحظر عليه أن يُبدي رأيه شفاهيا بتلك العقود التي نظرها، أو التي نظرها زملاؤه، إلا إن كان ذلك لسبب أكاديمي للتعليم والبحث العلمي وتبادل الخبرات . ويجب على العضو الفني أن يحدّ من المشاركة بالمناسبات الاجتماعية العامة ، لأنّها قد تجلب الشبهة إليه، ويقتصرها على المناسبات العائلية والاسرية البحتة والتي قد تؤثر على عمله الفني . وعدم استغلال منصبه للحصول على مصالح شخصية له ، أو لأيّ فرد من أفراد أسرته. وعليه أن يقيّد علاقته مع المحامين، أو أيّ شخص آخر يرتبط بمنظومة العدالة إلا من باب الزمالة بين الاسرة القانونية ، والتعاون المشترك لإقرار العدالة ، ولا يقبل ان يتدخل في عملهم ولا ان يتدخلوا بعمله في مناخ من الاحترام المتبادل بين شركاء العدالة ، وذلك لتجنيب نفسه شبهة التحيّز وعدم الحياد والقيل والقال .
ثامنا : التدريب
أن التدريب من أفضل مجالات الاستثمار في الإنسان ، والعضو الفني بالشهر العقاري هو الأجدر من بين ابناء منظومة العدالة المصرية في تخصصه الفني في حماية وحفظ حقوق الملكية العقارية والمنقولة والعامة والخاصة ، فهو أولا وأخيرا رجل قانون من ذوي الخبرة العملية والعلمية النادرة ، لكن ذلك لا يمنع ، بل من الواجب ،، تدريب وتحسين وصقل المهارات والقدرات الموجودة لدى الاعضاء الفنيون بالشهر العقاري والتوثيق ومعاونيهم من باقي فئات المصلحة ، عن طريق المحاضرات والندوات والدورات التدريبية الشهرية والسنوية والبعثات الخارجية لتأهيل الأعضاء من أجل إزالة جوانب الضعف والقصور في أداء وسلوك الأعضاء علميا وعمليا ، وإكسابهم المهارات والخبرات التي تنقصهم ولا سيما في تخصصات ليست ضمن تخصصهم الفني والقانوني كالحاسب الالي واللغات والتنمية البشرية ، وإكساب الموثق أنماطاً مهنية واتجاهات سلوكية جديدة لصالح العمل وتطويره وصولا به وبها الى المعايير الدولية ،، وإعداد الأعضاء الذين يتوفر لديهم الاستعداد للترقي في السلم الوظيفي بشكل مناسب، لتسليمهم مناصب أو أعمال ذات مسؤوليات أكبر في المستقبل للرقي بالمهنة واعضائها .وبفضل التدريب يصل بنا الهدف الى جودة العمل الفني من خلال زيادة وصقل المهارات والقدرات لدى الاعضاء ، وتحسين أدائهم، وبالتالي يستمر نمو المؤسسة التي ينتمون اليها وتطورها وتحقيق أهدافها وتفعيل اختصاصاتها بسهولة ودقة .
والتدريب المستمر يرفع الروح المعنوية للموثقين وذلك نتيجة زيادة إلمامهم بأبعاد عملهم الفني ، وزيادة مقدرتهم على أدائه بنجاح ، الأمر الذي يؤدي إلى الاعتزاز بأنفسهم ، وبمهنتهم القضائية وإعطائهم إحساساً داخلياً بأهميتهم، وإرضاء ذاتهم ، وخطورة عملهم ، وقدسية رسالتهم .
وأهم خطوات التدريب هو المقدم للمعينين الجدد:
يهدف تدريب المعينين الجدد الذين يلتحقون بالعمل الفني بالشهر العقاري لأول مرة ، إلى تهيئتهم وتعريفهم بالعمل القانوني الجديد الذي أصبح مسنداً إلى كل منهم وكيفية أدائه. والربط بين دراستهم النظرية الاكاديمية بكليات الحقوق وبين طبيعة عملهم الفني بالشهر العقاري ، كما يحاط كل منهم علماً بأنشطة واختصاصات الهيئة التي ينتمون اليها وأهدافها وسياساتها، وبمهام ومسؤوليات واخلاقيات مهنتهم ، وبكيفية النهوض بأعبائها، وتطويرها والرقي بها وعلاقة عمله الفني بأعمال الآخرين من ابناء منظومة العدالة المصرية ، وظروف العمل من ناحية الأجور، والترقيات والخدمات الصحية والاجتماعية التي يفتقدونها ، وكل ما يتعلق بلوائح وأنظمة العمل الفني بالشهر العقاري .
وبالنسبة لتدريب الأعضاء القدامى:
يهدف تدريب الأعضاء القدامى في الشهر العقاري إلى إكسابهم مهارات ومعارف جديدة يتطلبها التطور السريع في العلوم القانونية التي يتم تدريسها حاليا بكليات الحقوق ، والتكنولوجيا الحديثة ، بعد اعمال الميكنة الالكترونية التي تنتشر الان بجميع مكاتب الشهر العقاري ، والتعديلات التشريعية السريعة المتلاحقة ، إذ يساعدهم على تحسين قدرتهم على إنجاز العمل الفني ، ويمكنهم من الإحاطة بالأساليب والاتجاهات الفنية والمهنية المحيطة بأداء العمل الفني، وذلك إلى جانب تطوير المعارف والمهارات التي اكتسبوها من قبل، مما يؤدي إلى رفع كفاءتهم في العمل .
تاسعا : الكفاية المالية :
او الاستقلال المالي للأعضاء الفنيون بالشهر العقاري،، فـ الموثق هو وكيل الدولة في توثيق المعاملات والتعاقدات بين افراد المجتمع ويكتسب أهميته من خطورة عمله وتعلقه بحقوق الملكية من ثروات واملاك تمثل محور وركيزة التنمية الاقتصادية بالمجتمع ، وعلى الرغم من ذلك فالموثق المصري هو الأقل دخلا من بين جميع فئات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ولأبعد من ذلك فهو الأقل دخلا بين جميع الموثقين العرب ، ولأبعد من ذلك فهو الأقل دخلا بين جميع موثقي العالم أجمع . والأخطر من كل ما سبق هو هجرة اعضاء الشهر العقاري والعودة للعمل بالمحاماة او التدريس بالجامعات المصرية والعربية أو الإعارة للخارج ،، نتيجةً لارتفاع الأعباء على الموثقين وتدني رواتبهم جدا ، وغياب عناصر الجذب الكافية لبقائهم في وظائفهم من الناحية المالية ، بما يتناسب مع كادرهم وتخصصهم الفني علميا وعمليا ، ومع ضغوط متطلبات الحياة المتزايدة ، في ظل تعففه عن البحث عن وسائل أخرى تُعزز حصوله على مسكن مناسب، وحياه كريمة ، وعلاج يعف به نفسه عن سؤال أحدهم للحصول على خدمة ملائمة في مستشفيات الدولة، فنلاحظ في الخمس سنوات الأخيرة تقدم عدد كبير جدا من أعضاء الشهر العقاري لاستقالتهم من الشهر العقاري والبحث عن عمل اخر داخل وخارج مصر ، ويساعدهم تخصصهم الفني النادر ، ودرجاتهم العلمية المتميزة ، حيث تقريبا 60% من اعضاء الشهر العقاري حاصلين على درجة الماجستير في القانون ، و25% حاصلين على درجة الدكتوراه في الحقوق ، والعديد منهم قدموا استقالتهم بسبب تدني الرواتب جدا وعدم تناسبها مطلقا مع خطورة مهنتهم ومسئولياتها اللامحدودة جنائيا ومدنيا واداريا .
إنَّ مرتبات الموثقين يجب ان ترمزُ لخطورة الحقوق المنوط بهم حمايتها ، وتعكس أهمية الأعمال المسندة اليهم ، والمسئولية المدنية والجنائية والإدارية المحيطة بهم كليا في كافه اعمالهم ، وتترجم قيمة الممتلكات المكلفين بتوفير الحماية القانونية لها ، لذا فإنَّ تفعيل وترجمه استقلال الاعضاء الفنيون بالشهر العقاري وخاصه من الناحية المالية من مرتبات وأجور وخلافة ، لابد أن يتَطرق إلى مراجعة عميقة لحد «الكفاية» والمطلوب تنفيذه في القريب العاجل ، وليس لحد «الكفاف» والمطبق حاليا ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تأسيس ميزانية مستقلة أو كادر مالي خاص مرفق به جدول أجور للأعضاء الفنيون يضمن لهم عدم تعرضهم لأي ضغوط او تدخلات من أي نوع ، وتشكل إحدى الضمانات المهمة في تأكيد مبدأ استقلالهم الدستوري ، فكلّما كان هناك استقلال مالي وميزانية خاصة بأعضاء الشهر العقاري كلما قلت الضغوط و التأثيرات في عملهم الفني من قبل السلطة التنفيذية ومن ذوي النفوذ والسلطة . ومن خلال هذه الموازنة المستقلة بتخصيص بند في الموازنة العامة خاص بالشهر العقاري بصفة عامه ، وزيادة النسبة المخصصة للشهر العقاري من ايراداته السنوية مما يوفر دخلا مناسبا ويراعى المسكن والانتقال وتأمين حياة حرة كريمة للأعضاء الفنيون.
عاشرا :بيئة العمل المناسبة :
تُعدّ بيئة العمل من المقوّمات والجوانب الهامّة لنجاح أيّ مؤسسة وخاصه لو كانت حكومية والتي تحظى باهتمام عالميّ على أساس أنّ رضا الأعضاء والموظفين داخل المؤسسة (الشهر العقاري) عن مكان أو بيئة العمل ينعكس ذلك على مدى أدائهم وكفاءتهم وفعاليّة وجودة إنتاجهم ، ممّا يؤدي لنجاح هذه المؤسسة. وتضمّ بيئة العمل جوانب ومعايير متعددة تطبّق في المؤسسة كأسلوب الإدارة وممارساتها، وتقييم الأداء والقيادة، والرواتب والحوافز الماديّة والمعنويّة والأجور والبرامج التدريبية ، والسياسات التي تحفّز النجاح، وعلاقة الأعضاء بقيادتهم ووسائل الترفيه وغيرها من الجوانب التي تجذب رضا وسعادة العاملين والشعور بالأمان الوظيفيّ .
إن تحسين وتوفير بيئة العمل المناسبة أثر مزدوج إيجابي ومباشر على العاملين بالمؤسسة والمتعاملين معها على حد السواء فعندما يجد العضو في المؤسسة بيئة عمل جيدة فذلك سوف يشعره بالانتماء لهذه المؤسسة عامه ولمهنته خاصه وأنّه شخص مرغوب به، ممّا يجعله يقدّم للمؤسسة أفضل ما لديه من طاقات وقدرات، أي أنّ البيئة المثاليّة للعمل تُساهم في رفع أداء وكفاءة العضو وجودة عمله الفني ودقته ، ممّا ينعكس على تطوّر الشهر العقاري كمؤسسة حكومية تقدم خدمات قانونية حصرية وكـ مكون مهم من مكونات منظومة العدالة المصرية .
وبما ان الثابت والمعروف للقاصي والداني من الشعب المصري وحتى من الاجانب هو سوء مقرات ومكاتب الشهر العقاري ومعظمها في شقق سكنية ضيقة في اماكن مزدحمة وغالبيتها بالإيجار ولا يملك الشهر العقاري منها شيئا ، وهذا امر ثابت ومتعارف عليه بين جميع ابناء الشعب المصري ، وله تأثيراته السلبية المؤلمة على ابناء الشهر العقاري عامه وجمهور المتعاملين خاصه والناتج عن حالة التهميش والإقصاء الذي تعرض له مرفق الشهر العقاري والتوثيق في السنوات الماضية .
لذلك يجب الاهتمام بمقرات ومكاتب الشهر العقاري والتوثيق والاهتمام بالتقنيات والتكنولوجيا الحديثة وزيادة عدد المكاتب والاعضاء لتتناسب مع الزيادة السكانية المتصاعدة وتسارع وتضاعف عدد المعاملات والتعاقدات المعروضة أمام الموثقين المصريين وتنوعها وتشعبها.
آليات تنفيذ هذه التوصيات من إتحـاد موثقـي مصـر
اولا : طباعه هذه التوصيات وعرضها على الجهات المختصة ذات الصلة بداية من وزارة العدل مرورا بمجلس النواب انتهائا برئاسة الجمهورية ، وعرضها اعلاميا بكافه الوسائل الاعلامية المتاحة وعلى جميع أعضاء وموظفي مصلحة الشهر العقاري والتوثيق للبدء في تفعليها من الان .
ثانيا : إعداد وتقديم دراسة قانونية عملية شاملة لإعادة هيكلة مكاتب الشهر العقاري والتوثيق وتقديمها للجهات المختصة بداية من وزارة العدل مرورا بمجلس النواب انتهائا برئاسة الجمهورية .
ثالثا : إعداد وصياغة مشروع قانون جديد يترجم الاستقلال الدستوري المنصوص عليه بالمادة 199 من دستور مصر 2014 والآية الكريمة 282 من سورة البقرة . وعرضه على وزارة العدل ومجلس النواب ورئاسة الجمهورية ، بعد مناقشته واعتماده من جموع أعضاء وموظفي مصلحة الشهر العقاري والتوثيق .وعرضه على المتخصصين من اساتذة القانون بكليات الحقوق .